إصلاح البيت الزوجي وتحقيق السعادة عبر مثلث المودة والرحمة والسكينة

🔹إصلاح البيت الزوجي وتحقيق السعادة عبر مثلث المودة والرحمة والسكينة🔹

الاستاذ الدكتور علي احمد باقر 

 (
رؤية تربوية وعملية لعلاج الخلل الأسري) 📌 مقدمة إن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمعات، وصلاحها صلاحٌ للنفوس والجيل، وفسادها بداية لانهيارات صامتة تبدأ من القلب ولا تنتهي عند الجدران. ولعلّ التحديات المعاصرة، بما فيها ضعف الحوار، والانشغال الخارجي، والتأثر بمغريات العوالم الافتراضية، جعلت الكثير من الأزواج يشعرون بالاغتراب داخل بيتهم. وقدّم القرآن الكريم قاعدة ذهبية لبناء البيت السعيد من خلال قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21) وهذا ما يمكن تسميته بـمثلث السعادة الزوجية: المودة، الرحمة، السكينة. 🔺 أركان مثلث السعادة الزوجية 1. المودة المحبة الظاهرة تعني: إظهار الحب قولا وفعلا. أن تقول: "أحبك"، أن تمدح، أن تبتسم، أن تهتم. في زمن الجفاف العاطفي، لا يكفي الحب الصامت؛ فـالقلوب تحتاج إلى دفء الكلمات. 2. الرحمة الغفران والتسامح تعني: التغافل عن الهفوات، والبحث عن النقاط المشتركة. ليست الحياة الزوجية مثالية، ولكن الرحمة تجعل من العيوب جسورًا للوصال. قال الإمام علي (ع): "أعقل الناس أعذرهم للناس". 3. السكينة الاستقرار العاطفي أن يشعر الزوج أو الزوجة بأن البيت هو الملاذ، لا ميدان الصراع. السكينة لا تعني السكون فحسب، بل الطمأنينة النفسية. والزوجة الذكية تُشعر زوجها بأنه في حضن الأمان كلما عاد. ⚠️ حين تدخل شخصية خارجية في العلاقة! أحد أسباب تصدع المثلث هو دخول شخصية أخرى خارج العلاقة الزوجية، عاطفيًا أو فعليًا، وقد يكون وهمًا وقد يكون واقعًا. وهنا تكمن المشكلة، ويُصبح التعامل معها فنًا يحتاج إلى حكمة ووعي، لا صراخًا أو انفعالًا. خطوات العلاج: أولًا: تحديد أسباب الخلل هل هناك فتور عاطفي؟ هل يُشعر الزوج بأن البيت لا يُشبع حاجاته النفسية أو التقديرية؟ هل هناك نقص في الحوار أو كثرة الشكاوى؟ التشخيص هو بداية العلاج، وعدم الانشغال بالشك فقط. ثانيًا: اللجوء إلى وسيط محبب يُفضل أن يكون أحد الأبناء – وخاصة البنات لما لهن من قرب نفسي من الأمهات. تلعب الابنة دور الوسيط اللطيف، المتفهم، الذي يوصل رسائل غير مباشرة. ويجب أن تكون متزنة، لا تنقل الأحاديث ولا تنحاز. ثالثًا: الحفاظ على تاريخ الزواج لا تسمحي لموقف عابر أن يمحو سنوات من العطاء. استحضري لحظات البناء، الضحك، تربية الأبناء، والآلام المشتركة. الزواج ليس فقط عقدًا شرعيًا، بل رحلة مشتركة تستحق الترميم لا الهدم. رابعًا: عدم التصعيد والانشغال عن التعلق قاعدة ذهبية: كلما تمسكتِ به أكثر، كلما نفر أكثر. دعيه يخوض التجربة، مع ثقة نابعة من نضجك، بأن النفس ستعود نادمة: سيُرهق عقله وضميره بعد التجربة. سيكتشف الفرق بين الوهْم والواقع. كل حبل يُشدّ من الطرفين ينقطع، لكن إن تركتِ الطرف، سينقطع اندفاعه وحده. 💡 نصائح عملية: اشغلي وقتكِ بما تحبينه: رياضة، مجالس علم، هواية، دراسة. العزلة تؤدي للوساوس، والانشغال يُعيد التوازن النفسي. الصبر والصلاة: {واستعينوا بالصبر والصلاة} البقرة: 45 في الخلوة مع الله شفاء القلوب المتعبة. الصدقة: ولو على أولادك، أو أحفادك، بنية إصلاح البيت. فهي تطفئ غضب الرب، وترد البلاء، وتُنير طريق العودة. 🔚 خاتمة ليس كل خلل نهاية، بل كل خلل فرصة لبناء أقوى. البيت السعيد لا يُبنى على الرفاهية أو الكمال، بل على المودة والرحمة والسكينة. وإذا اختلت إحدى زوايا هذا المثلث، فبالصبر، والحكمة، والعقل، يمكن أن تعود متماسكة، بل وأقوى من قبل.