تأليف جماعي
تأليف جماعي
مسرحية
الدار
مع
مسرحية الدار نكون قد وصلنا إلى مرحلة الثمانينات ، من حيث الفترة الزمنية ، ومن
حيث الموقع الجغرافي نكون قد وصلنا إلى دولة الكويت .
وهذه
المسرحية في استعراضنا لها بحد ذاته تجريب ، ذلك كونها تأليف جماعي ، ومن الصعب في
الوطن العربي آن ذاك وجود مسرحية من تأليف جماعي ، وكما قلنا من قبل ما كان تجريب
بالأمس تقليد اليوم هذا ما وجدناه من صيحات عديدة من فرق مسرحية عربية في وقتنا
الحاضر تقوم على ضرار ظاهرة التأليف الجماعي.
مع
بداية تقلبنا للصفحات الأولى من المسرحية نكتشف التجريب في أولى صفحاتها ، وذلك في
مقدمتها والتي تتكون من جماعة من الممثلين يتبارزون ، رما كان ذلك نوع من الأداء
التعبيري.
((تدخل
المجموعة تتحارب بسيوف ..يسقط جزء منها قتلا ..الجزء الآخر يدخن سجائر ..ثم يسقط
ميتا..))[1]
بهذه
البداية التعبيرية تتضح ملامح التجريب ، حيث أن ما سوف يليه نوع أخر من المدارس عي
الملحمية .
((سعاد
: تدخل مهلهلة الملابس (يباب )يا الله يا جماعة الله يعطيكم العافية ..(يقوم
الجميع ويجلس كل في مكانه ) مشاهدينا مساء الخير .. المقدمة التي شفتوها الان على
خشبه المسرح لا تمت إلى المسرحية بصلة لكن المخرج أصر على أضافتها ..طبعا لان
المخرج ..
أسامه
: ( مقاطعا) المخرج تعبان ..
أحمد
: لا..لا..لا..أنا ما اسمح لك تقول على المخرج تعبان ..أنا اعتقد أن المخرج ثور..
لمياء
: ويه ..سليمة صكتك ..وصكت المخرج معاك ..
حسين:
لا..لا.. يا جماعة أنا اعتقد أن المقدمة هذه نوع من أنواع المراهقة الإخراجية ..
داود
: لا يا جماعة ..لا تصدقونه ..الحقيقة إن المخرج عندما وضع هذه المقدمة أراد تجربة
تطابق الواقع المعاش على الواقع الذي تجسدونه ..ولقد استنبط وبعد معاناة على أن
الإنسان الغارق في هموم بني جنسه وعرقه لا يستطيع إلا أن يكون ..))[2]
مع
مخاطبة الممثلين للجمهور صراحة وكسرهم الحائط الرابع نستخلص أن المسرحية تتجه نحو
الأسلوب الملحمي ، ومع ازدواجه المسرحية للانتماء – أما تعبيري أو ملحمي – تكون
ضرب من التجريب .
التجريب
في هذه الحالة على مستوى الفكرة ن أما التجريب على مستوى بناء المسرحية فيكمن في
كونها تأليف جماعي ، وفي النظر نحو البناء الدرامي للمسرحية نجد أنها تتكون من
مزيج من مدارس عده منها التعبيرية والملحمية والواقعية والرمزية ، هذا بعينة
التجريب ، الذي لم يقتصر على ذلك بل انه امتد ليصل مستويات أخرى منها اللغة ،
واللغة مزيج بين العامية والفصحى .
((جوهر:
ها الحين دريت ليش ما كملت دراستي .
المجموعة
: ليش..
جوهر:
لان كلما جيت ادرس احس بدوخة .
المجموعة
: بيخه بيخه بيخه .
سعاد
: أرجوكم ...أرجوكم ..لقد خرجنا عن نطاق موضوع المقدمة التي سنمثلها هذه الليلة يا
سيداتي ؟؟؟))[3]
إذا
ما تفحصنا هذه المسرحية نكتشف التجريب على مستوى اللغة في كونها قد مزجت بين اللهجة
العامية والفصحى ، وبالنظر إلى الشخصيات ( المجموعة –جوهر- أسامة )نجد أنها شخصيات
تتحدث باللهجة العامية ، أما سعاد فسنجد أنها تتكلم باللغة العربية الفصحى ،
ودخولا بأحداث المسرحية نستكشف أنها لم تسلم من التجريب حيث أن التجريب قد تجول
بها ، ذلك من خلال المشهد الأول الذي يتكلم عن الإنسان الذي يموت أما بالحرب أو
بالتدخين .
وفي
مشهد آخر نلاحظ أن الممثلين يحاولون تقديم المسرحية أو المسرح العربي ، وسط جو ملئ
بالنقد المسرحي أو الحلم لمسرح عربي جديد .
((
حسين :م اعني بعض ..وبعض شنهو ..اعني غالبية الذين يمارسون الشخبطة باسم النقد
المسرحي .
المجموعة
: ضحك .
سعاد
: يا جماعة ..لقد خرجتم عن نطاق موضوع المسرحية مرة أخرى ..والمفروض في هذه
المسرحية .
باسمة
: وما المفروض يا سيدتي هل ؟؟
عوعو
: وما هو دور كل واحد منا ؟؟))[4]
وبخروج
الشخصيات عن الموضوع كما صرحوا بذلك نكون قد دخلنا بالتجريب ، وبهذا التداخل تولد
التجريب على مستوى الأحداث لمسرحية .
ومع
النظر حول خط سير التجريب بهذه المسرحية نصل بالتجريب على مستوى الوحدات الثلاث ،
وكما سبق وان نوهنا بان المسرحية قد جربت على مستوى وحدت الموضوع ، نتجه نحو
مستوَيي المكان والزمان .
((
الوقت ليل عوعو وجميل واحمد وعلي سلطان يجتمعون ليلعبوا الورق ))[5]
هنا
قد عرفنا بهذه الإشارة البسيطة أن الزمن هو ليل ، الذي يتطور بدون أن اعلم عنه شئ
كأنه صورة من صور الأحلام التي يتحرك بها الزمن بدون الإحساس به ، أن الزمن يتطور
بصورة الحوار الدرامي فقط .
((سعاد
: نطلع من ها البيت ..لا يا بنيتي هذا بيتي هذا بيتكم ..يدكم كل أبوكم ..يا الله
الحين نروح نام ..تصبحين على خير ..
هدى
: ( في خروج سعاد وسحر ) صباحك خير يا أم الخير واليهال
صباحك نور يا
أم النور يا طيبة
حنانك غمض عيون
الشفا بوسط الليل
وبسط الليل
..وبسط الليل.
((
وكل فرد يقول مبتدأ بلمياء ومجيد وداود وعلي سلطان وحسين وجميل وباسمة وأحمد وهدى
وأسامة ..ثم يسمع صوت الأذان لصلاة الصبح )
حسين:
( يستعد للخروج إلى المسجد ) لا اله إلا الله أصبحنا واصبح الملك لله ، اشهد أن لا
اله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله ))[6]
وبهذه
الجمل الحوارية نعلم أن الزمن ق تحرك دون إشارة لإغلاق الستارة أو إطفاء الأنوار
أو نحو ذلك من القواعد المتعارف عليها في المسارح التقليدية . وبهذا التجريب بوحدة
الزمان نستشف البحث عن نوع مسرحي جديد ..ما يكون يا ترى ، ولكن ماذا عن وحدة
المكان ؟
نجد
الإجابة في ما ذكرته المسرحية في أن المكان بيت ، ذلك ما عرفناه من خلال بعض الجمل
الحوارية والتي اشبة ما تكون بمقطوعة مغناه ، لم نجد إشارة للمكان في الإرشادات
المسرحية .
((
المجموعة : زور زور زور خولنا نبدي ونقول ..
باسمة
: بالصور نكشف أمور من الماضي والحاضر والمجهول..
المجموعة
: بالصور نكشف أمور من الماضي والحاضر والمجهول..
هدى
: القصة تبدي بدار من ها الدور ..فيها الغريب والعجيب والمعقول..
المجموعة
: القصة تبدي بدار من ها الدور ..فيها الغريب والعجيب والمعقول..))[7]
بهذه
المقطوعة المغناة نعلم أن المكان ما هو إلا بيت أو منزل عربي ، ولكن . ما كان هذا
سائدا في كتابة المسرحيات العربية ، أن الذي كان سائد هو أن يحدد المؤلف في
إرشاداته المسرحية وقبل بدأ الحوار ، المكان والزمان ، هنا اختلف الوضع في كونها
جربت على وحدة الزمان والمكان . ولكن ماذا عن الشخصيات ، هل تم التجريب على مستوى
الشخصيات ؟
للإجابة
عن هذا السؤال نتعمق في صفحات المسرحية ونجد أن التجريب قد داهم شخصياتها ، نحن لم
نجد شخصية المخرج أو المؤلف ، ولكن وجدنا مجموعه من الشخصيات في حال تأليف ،
متآزرين معاًَ لخلق مسرحية .
التجريب
قد ظهر في مجموعه تكون لنا الشخصية المؤلف والمخرج معاًًً ، تأليف جماعي كما سبق
وان ذكرنا لهذا نعاود مقولتنا أن التجريب قد بدأ بهذه المسرحية منذ تأليفها ،
وبالنظر إلى المسرحية بوجه عام ، نستطع القول أن الدار هي النواة الحقيقية للمسرح
التجريبي سواء للمسرح العربي أم الخليجي.