كتبت أماني الفضلي عن محاضرة الشيخ الدكتور علي أحمد باقر
قال تعالى في محكم كتابة الكريم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) صدق الله العلي العظيم
لكم أعبق التهاني وأعطر الاُمنيات بمناسبة حلول غرّة رجب الأصبّ ، يوم ميلاد الإمام محمد الباقر عليه السلام، وبمناسبة مولد حفيده الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام.
(أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) وهي الحمد والثناء إلى المولى عز وجل على نعمة آل محمد واله الطيبين الطاهرين وقد رزقنا الله بهم فهم اصبحوا الكهف الذي نلجأ إلية ونتحصن من كافة اهوال الدنيا واصبحوا طريقاً ينير لنا دربنا ، وبها يوضح الله سبحانه وتعالى قيام الليل والنهار ، وذكراً بدعاء الصباح للأمام علي (ع) ( وسرج قطع الليل ، وشعشع ضوء الشمس) بمعنى الليل ظلمة يطفى على كافة الخلق ، ولكن الله سبحانه وتعالى آناره لنا بحب آل البيت (ع) .
يقول المولى عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)
الشهر الحرم هما شهر ( رجب ، ذو القعدة، ذو الحجة ، محرم ) وسمي رجب بهذا الاسم وما يقال على ارباب السير يعني باللغة العربية رجب هو ذو رهبة والاحترام المفخم لهذا الشهر لذلك كانوا العرب في مثل هذا الشهر يقفون القتال ويقفون اخذ الثأر والسفك وكل انواع العداء ومنها لفترة الود الالزامي على كافة الطوائف وكافة الديانات ، وهو وقف الاعتداء على الآخرين حتى الناس تتسهل في طريقها وتتوجه إلى بيت الله الحرام وتؤدي عمرتها وهي ما تسمى بعمرة رجب في تلك الايام .
- ماهي خاصية شهر رجب ؟ بمناسبة قدوم شهر رجب المرجب الفضيل .. شهر الخير والبركات وقد سمي بالأصب لأن الله يصب الخير فيه صبا لمن قام فيه ليله وصام نهاره وبما يؤدي فيه من أعمال مستحبة كالصلاه والصوم والصدقه وتلاوة القراّن والدعاء وفي غرة شهر رجب تنصب فيه الرحمة صبا وتنهمر فيه البركات إنهمارا وفقنا الله وإياكم لاغتنام فرصه في القيام والعبادة هو يكون فيه الاجر والثواب مضاعف وكذلك والعياذ بالله آيضا الذنب مضاعف .
- ولادة الإمام محمد الباقر(عليه السلام)
- اسمه وكنيته ونسبه(عليه السلام)
- الإمام أبو جعفر، محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
- ألقابه(عليه السلام)
- الباقر، الشاكر، الهادي... وأشهرها الباقر.
- تلقيبه(عليه السلام) بالباقر
- لقد جاء لقب الإمام(عليه السلام) بالباقر من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومعنى الباقر ـ كما في المعاجم اللغوية ـ المتبحّر بالعلم، والمستخرج غوامضه وأسراره، والمحيط بفنونه.
- فلقد امتاز(عليه السلام) على من سواه في جميع المجالات ـ العقائدية والفقهية والتفسيرية والحديثية والعرفانية ـ ممّا كان مثار دهشة وإعجاب أعلام الفكر والأدب.
- تاريخ ولادته(عليه السلام) ومكانها
- 1 رجب 57ﻫ، المدينة المنوّرة.
- أُمّه(عليه السلام) وزوجته
- أُمّه السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، وزوجته السيّدة أُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، أُمّ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)، وله زوجات أُخر.
- مُدّة عمره(عليه السلام) وإمامته
- عمره 57 سنة، وإمامته 19 سنة.
- حُكّام عصره(عليه السلام)
- الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك.
جوانب من شخصيته(عليه السلام)
وهذه الرواية تعكس مدى تعلّق الإمام(عليه السلام) بربّه، وتعبّر في نفس الوقت عن نفس تدكدكت في عشق بارئها عزّ وجلّ، وطلب القرب منه سبحانه، واستجلاب لطفه العميم، والتوجّه إليه بكلّ كيانه، أي بروحه وقلبه وجوارحه، ممّا لا يكون إلّا عند أولياء الله سبحانه.
- الجانب الاجتماعي: ونعني به أساليب الإمام(عليه السلام) في كيفية التعامل مع مجتمعه في العصر الذي كان فيه، ولذلك مصاديق عديدة، منها ما جاء في الرواية الآتية:
- عن الحسن بن كثير قال: شكوت إلى أبي جعفر محمّد بن علي(عليهما السلام) الحاجة وجفاء الإخوان، فقال: «بئس الأخ أخ يرعاك غنيّاً ويقطعك فقيراً»، ثمّ أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم، فقال: «استنفق هذا، فإذا نفدت فأعلمني»(2).
- الجانب الفكري: لقد تفوّق الإمام الباقر(عليه السلام) على غيره في عصره بعمق تفكيره، وسمو مكانته وشأنه العلمي في جميع العلوم الدنيوية والأُخروية.
- فنجد عبد الله بن عمر يسأله الناس عن مسألة فلا يتمكّن من الإجابة عنها، فيوجّه سائله إلى الإمام الباقر(عليه السلام)، فيقبل السائل إلى الإمام(عليه السلام) فيجيبه بلا تردّد عن مسألته العويصة التي عجز غيره عن الإجابة عنها.
- ثمّ يعود السائل إلى ابن عمر، فيخبره بالإجابة الفريدة، فيقول له ابن عمر: «إنّهم أهل بيت مفهّمون»
- من وصاياه(عليه السلام)
- قال(عليه السلام): «ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر، إلّا نقص عقله مثل ذلك قلّ أو كثر».
- قال(عليه السلام): «الغنى والعزّ يجولان في قلب المؤمن، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكّل استوطنا».
- قال(عليه السلام): «إيّاك والكسل والضجر؛ فإنّهما مفتاح كلّ شرّ، من كسل لم يؤدِّ حقّاً، ومن ضجر لم يصبر على حقّ».
- قال(عليه السلام): «أسد الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كلّ حال، والإنصاف من نفسك، ومواساة الأخ في المال»
سيرة الامام محمد الباقر
بدأت ولاية هذا الإمام الهمام وإمامته الفعلية في عهد الوليد بن عبد الملك الذي شُغِلَ عن آل بيت الرسول الاعظم (ص) طوال فترة حكمه بتصفية أسرة الحجاج بن يوسف التي كانت تمسك بزمام السلطة في عهد أخيه الوليد بن عبد الملك. و جاء من بعده عمر بن عبد العزيز الذي اتّسمت مواقفه ببعض الإنصاف تجاه أهل البيت(ع) فمنع سبّ علي (ع) من على المنابر وكان بنو أمية قد اتخذوها سنّة بأمر من معاوية ، ثم جاء من بعده يزيد بن عبد الملك الذي انصرف إلى حياة الترف واللهو والمجون. و كانت علاقة الإمام (ع) بالخلفاء علاقة رصد وتوجيه وإرشاد كما كانت علاقة الإمام علي بن أبي طالب (ع) بخلفاء عصره اذ كثرت الرسائل المتبادلة بين الإمام (ع) وعمر بن عبد العزيز التي ضمّنها توجيهات سياسية وإرشادات هامة. و كان عبد الملك بن مروان يستشير الإمام (ع) في مسألة نقود الروم المتداولة بين المسلمين والتي كانوا يضغطون من خلالها على الخلافة، وذلك أن مشاحنة وقعت بين عبد الملك وملك الروم فهدده ملك الروم بأنه سوف يضرب على الدنانير سب رسول الله (ص) إذا هو لم يرضخ لأمره ويلبي طلباته. وبما أن النقود التي كان المسلمون يتعاملون بها كانت رومية فقد ضاق عبد الملك بهذا الأمر ذرعاً فاضطر أن يستشير الامام في ذلك، فأشار الإمام (ع) عليه بطريقة عملية يصنع بها نقوداً إسلامية مما جعل المسلمين يستقلّون بنقدهم. نبذة من حياة الإمام (ع): و عاش الإمام الباقر (ع) مع جده الإمام الحسين (ع) حوالى ثلاث سنوات ونيف وشهد في نهايتها فاجعة كربلاء. ثم قضى مع أبيه السجاد (ع) ثمان وثلاثين سنة يرتع في حقل أبيه الذي زرعه بالقيم العليا وأنبت فيه ثمار أسلوبه المتفرّد في حمل الرسالة المعطاء في نهجها وتربيتها المثلى للبشرية. و اجتمعت فيه صفات ومزايا فريدة، فكان الإمام الصادق (ع) يقول: "كان أبي كثير الذكر لقد كنت أمشي معه وأنه ليذكر الله (عز وجل) وأكل معه الطعام ولقد كان يحدّث القوم وما يشغله عن ذكر الله... وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس". و كان له شرف الحصول على لقب "الباقر" من جدّه المصطفى (ص) كما في رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري حيث يقول: "قال لي رسول الله (ص): "يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين (ع) يقال له محمد يبقر العلم بقرا (يشقه شقا) فإذا لقيته فأقرءه مني السلام" فلما كَبُر سنّ جابر وخاف الموت جعل يقول: يا باقر يا باقر أين أنت، حتى راه فوقع عليه يقبّل يديه ورجليه ويقول: بأبي وأمي شبيه رسول الله (ص) إن أباك يقرؤك السلام. حركة الإمام في ساحة الرسالة (ع): و استفاد الإمام من هذا الانفراج السياسي استفادة كبيرة في ممارسة دوره الرسالي فاتّبع سياسة تعليمية وتربوية رائدة هادفة لمواجهة الأفكار المنحرفة التي تغلغلت مع اتّساع رقعة الفتوحات. والتصدي للأحاديث المدسوسة ومواكبة المستجدات واستنباط الحلول لها.. "وانهال عليه الناس يستفتونه عن المعضلات ويستفتحونه أبواب المشكلات" وعمل الإمام محمد الباقر(ع) على تعزيز المدرسة العلمية والفكرية التي انطلقت في حياة والده السجاد (ع) فأصبحت تشدّ إليها الرحال من كل أقطار العالم الإسلامي حتى قال أحدهم: "لم يظهر من أحد من ولد الحسن والحسين L في علم الدين واثار السنة وعلم القرون وفنون الاداب ما ظهر عن أبي جعفر الباقر (ع)". و تخرج من هذه المدرسة العظيمة كوكبة من أهل الفضل والعلم كزرارة بن أعين ومحمد بن مسلم الثقفي وجابر بن يزيد الجعفي.. وبذلك شكّلت مرحلة إمامة الباقر (ع) إطاراً جديداً لإدارة الصراع مع رموز الانحراف الفكري والعقائدي التي كادت تطمس معالم الدين الإسلامي انذاك. المميزات الشخصية للأمام الباقر (ع):
و كان أبرز مميزاته (ع) العلم الواسع، وقد برز علمه هذا في فترة انتشار الفلسفة اليونانية وتوسع الناس في المناظرات الكلامية وتعدد المذاهب الفقهية والمدارس العقائدية ما استدعى بروز شخصيات علمية هامة تحمل على عاتقها مهمة ترسيخ دعائم الفكر الاسلامي الأصيل وتقوية دعائم الفقه الشيعي في مقابل المذاهب المختلفة. فكان تأسيس جامعة أهل البيت(ع) التي حوت عدداً كبيراً من العلماء حيث كانوا يأتون الى المدينة المنورة من مختلف الأقطار الاسلامية لينهلوا من الامام الباقر (ع) علومهم ومعارفهم. و قد قال عطاء وهو أحد كبار علماء العامة يصف الامام الباقر (ع): ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم في مجلس أبي جعفر الباقر. لقد رأيت الحكم بن عيينة كأنه عصفور مغلوب لا يملك من أمره شيئاً. و من ميزاته أيضاً صلابته في مواجهة الحكام الأمويين حيث لم يرضخ لضغوطهم فأكمل مهمته الالهية على أكمل وجه. هذا فضلاً عن العبادة والورع والتقوى التي يتحلى بها أئمة أهل البيت سلام الله عليهم.
شهادته (ع): و بتولَّي هشام بن عبد الملك عاد الإرهاب والضغط إلى الواجهة. وأدت سياسة الملاحقة والتنكيل إلى انتفاضة الشهيد زيد بن علي السجاد (ع) الذي استشهد هو وأصحابه وأحرقت جثته كما قام هشام بملاحقة تلامذة الإمام (ع)، ولكن هذه الاجراءات التعسفية لم تمنع من تنامي الصحوة الإسلامية والوعي الديني لدى الناس، الأمر الذي زاد من مخاوف هشام بن عبد الملك فأمر بدس السم له فمات سلام الله عليه صابراً محتسباً مجاهداً وشهيداً. التوكّل والتواكل و روى أحد زعماء الصوفية (محمد بن المنكدر) فقال خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي الباقر وكان رجلاً بديناً متّكئاً على غلامين له، فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، والله لأعظنّه فدنوت منه، فسلَّمت عليه، فسلم عليَّ ببهر )أي بنفس منقطع( وقد تصبَّب عرقاً، فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال ماذا كنت تصنع؟ قال: فخلَّى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله أكفّ بها نفسي عنك، وعن الناس وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني، وأنا على معصية من معاصي الله. فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني و قد استشهد الامام الباقر (ع) علي يد الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك في 7 ذو الحجة 114هجري قمري وكانت مدة امامته 19 سنة ودفن في البقيع بالمدينة المنورة الي جانب والده الامام علي بن الحسين وعم ابيه الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام).
الخلاصة :
اعمل لأخرتك كأنك تمت غداً واعمل لدنياك كأنك لا تموت ابدا، وبهذا يجب الترقي بالأخلاق والعلم وكسبه بالاقتداء بالإمامين الباقر والهادي .